[color=#0033ff]
[size=29][color=#0033ff]
معنى " لا إله إلا الله "
للشيخ الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
[b]
[size=16][color=#330000][b]بسم الله الرحمن الرحيم
[color=#990000][b]إعلم رحمك الله :
أن هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام ، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى ، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ، وليس المراد بقولها باللسان مع الجهل بمعناها ، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يصلون ويتصدقون ، ولكن المراد بقولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته ، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من قال لا إله إلا الله مخلصا ، وفي رواية خالصا من قلبه، وفي رواية صادقا من قلبه ، وفي حديث آخر : من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة ، فاعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات نفي الإلهية عما سوى الله تعالى من المخلوقات ، حتى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وجبرائيل فضلا عن غيرهم من الأولياء والصالحين .
إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله لنفسه ، ونفاها عن محمد وجبرائيل وغيرهما ، أن يكون لهم مثقال حبة من خردل ، فاعلم أن هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية ، والإله معناه الولي الذي فيه السر ، وهو الذي يسمونه الفقير والشيخ ، وتسميه العامة السيد وأشباه هذا ، وذلك أنهم يظنون أن الله جعل لخواص الخلق منزلة ، يرضى أن الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين الله ، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم وهم الذين يسميهم الأولون (الآلهة) ، والواسطة هو الإله، فقول الرجل لا إله إلا الله، إبطال الوسائط .
فإذا أردت أن تعرف هذا معرفة تامة، فذلك بأمرين :
الأول : أن تعرف أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقتلهم ونهب أموالهم ، واستحل نساءهم ، كانوا مقرين لله سبحانه ، بتوحيد الربوبية ، وهو أنه لا يخلق ، ولا يرزق ، ولا يحيي ، ولا يميت ، ولا يدبر الأمور إلا الله وحده ، كما قال الله تعالى :{ قل مَن يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومَن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ومَن يدبر الأمر، فسيقولون الله } .
وهذه مسألة عظيمة مهمة ، وهي أن تعرف أن الكفار شاهدون بهذا كله ومقرون بها ومع ذلك لم يدخلهم ذلك في الإسلام ولم يحرم دماءهم ولا أموالهم ، وكانوا أيضا يتصدقون ويحجون ويعتمرون ويتعبدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفا من الله عز وجل
ولكن الأمر الثاني هو الذي كفرهم وأحل دماءهم وأموالهم ، وهو أنهم لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية ، وهو أنه لا يدعى ولا يرجى إلا الله وحده لا شريك له ولا يستغاث بغيره ولا يذبح لغيره ولا ينذر لغيره ، لا لملَك مقرب ولا نبي مرسل ، فمن استغاث بغيره فقد كفر ، ومن ذبح لغيره فقد كفر ، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك .
وتمام هذا، أن تعرف أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعزير وغيرهم من الأولياء ، فكفروا بهذا مع إقرارهم بأن الله هو الخالق الرازق المدبر ، وإذا عرفت هذا عرفت معنى لا إله إلا الله ، وعرفت أن من نخا نبيا أو ملكا أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام ، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن قال قائل من المشركين : نحن نعرف أن الله هو الخالق الرازق المدبر ، يمكن هؤلاء الصالحين أن يكونوا مقربين ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة ، وإلا نحن نفهم أن الله هو الخالق المدبر . فقل : كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله فإنهم يدعون عيسى وعزيرا والملائكة والأولياء يريدون ذلك، كما قال تعالى : { والذين اتخذوا من دونه أولياءَ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ، وقال تعالى { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } .
فإذا تاملت هذا تاملا جيداً ، عرفت ان الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية ، وهو تفرد بالخلق والرزق والتدبير ، وهم ينخون عيسى والملائكة والأولياء يقصدون أنهم يقربونهم إلى الله ويشفعون عنده ، وعرفت أن من الكفار خصوصا النصارى منهم ، من يعبد الله الليل والنهار ، ويزهد في الدنيا ، ويتصدق بما دخل عليه منها ، معتزل في صومعة عن الناس ، ومع هذا : كافر عدو لله.. مخلد في النار ، بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء ، يدعوه أو يذبح له أو ينذر له ، تبين لك كيف صفة الإسلام ، الذي دعا إليه نبيك صلى الله عليه وآله وسلم ، وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل ، وتبين لك معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : بدا الإسلام غريباً ، وسيعود غريبا كما بدأ .
[color:7c42=#000099:7c42]فالله الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم، وأوله وآخره وأسه ورأسه : شهادة أن لا إله إلا الله.. واعرفوا معناها، وأحبوها وأحبوا أهلها ، واجعلوهم إخوانكم ، ولو كانوا بعيدين ، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وابغضوهم ، وابغضوا من أحبهم أو جادل عنهم أو لم يكفرهم أو قال ما علي منهم أو قال ما كلفني الله بهم ، فقد كذب هذا على الله وافترى ، فقد كلفه الله بهم وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأولادهم.. فالله الله ، تمسكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا ، اللهم توفـنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين .
ولنختم الكلام بآية ذكرها الله في كتابه ، تبين لك أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفراً من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل مَن تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً } .
فقد سمعتم أن الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسهم الضر تركوا السادة والمشائخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده ، فإن جاء الرخاء أشركوا ، وانت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة ، إذا مسه الضر قد يستغيث بغير الله مثل معروف أو عبد القادر الجيلاني وأجل من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير ، وأجل من هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله المستعان . . . وأعظم من ذلك وزرا أنهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة مثل شمسان وإدريس ويونس وأمثالهم .
والله سبحانه أعلم
تمت
[الدرر السنية في الأجوبة النجدية]
[color:7c42=#990000:7c42]اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة؛ ولوجهك خالصة؛ ولا تجعل لأحدٍ فيها شيئاً، اللهم املأ حياتنا بالسعادة؛ واجعل موتنا في سبيلك شهادة؛ واكتب لنا الحسنى وزيادة، اللهم إنا نسألك شهادة في سبيلك ترضى بها عنا ياحي ياقيوم.
<H5>[color:7c42=#990000:7c42]وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛؛؛</H5>
[color:7c42=#000000:7c42]
[/b][/b][/size]
[/b][/size]
[color=#000000]نسأل الله أن ينصر المجاهدين في كل مكان وأن يمكن لهم وأن يُقيّض لهم من يحمي أعراضهم وأهليهم ودينهم لا يخاف في الله لومة لائم[color:7c42=#006400:7c42]